حوادث المرور

الذكرى السنوية الثانية للمرحوم "قانون المرور"!!

محيط ـ عادل عبد الرحيم

إحدى السيارات تفحمت تماما

شلل حاد يصيب المرور، عشرات السيارات تتعطل، صفارات الإنذار التي تطلقها عربات الإسعاف تصم الآذان، وفجأة تقع عيناك على أشلاء بشر تتناثر، وسيارات تتحول إلى كومة حديد من شدة الارتطام، حيث سجلت عدسة شبكة الإعلام العربية "محيط" صباح اليوم فقط 3 حوادث خطيرة تحولت فيها إحدى السيارات إلى قطعة فحم وتهشمت الثانية تماما فيما أصيبت الثالثة وهي أقلهم ضررا بإصابات بالغة.

وبالتأكيد في الحادثة الأولى لم يكن من العقل السؤال عن حالة من كان يركب السيارة لأنهم بلا أدنى شك تحولوا إلى "فتافيت" لدرجة أن سيارة الإسعاف لم تجد من بقاياهم ما تحمله فتركت "الجمل بما حمل" بحسب اللهجة المصرية، أما في الحادثة الثانية فكان هناك أمل ضعيف في العثور على ناجين من التصادم.

طبعا هذا المشهد ليس مستغربا على كل من يرتاد "طريق الموت" الملقب بالدائري الذي بات أشبه بالمقبرة المخيفة لكثرة ما يشهده من حوادث تكون نهايتها مشئومة كل ساعة وذلك بسبب السرعة الجنونية التي يسير بها سائقو السيارات غير الملتزمين وقلة الأكمنة على الطرق المفتوحة إلى جانب عدم تجهيزها سواء بالرصف أو تمهيد المطبات العشوائية مما يساهم في كثرة الأخطار.

ورغم الضجة الإعلامية الكبيرة التي صاحبت صدور قانون المرور الجديد الذي طالما سمع المواطنون عنه ولم يشاهدونه أو يروا له أثرا واضحا، فإن الأهداف الأساسية التي صدر من أجلها وفي مقدمتها وقف نزيف الدماء على الطرق السريعة والقضاء على الاختناق الحاد بل الشلل المروري ومنع الفوضى الخطيرة بالشوارع خصوصا ونحن نستعد لاستقبال شهر رمضان المعظم الذي يضيف زحاما على الزحام الموجود بطبيعة الحال لم يتحقق أي منها.

لا تعليق

حيث فشل هذا القانون في وضع نهاية لأزمات المرور في مصر حتى بعد مضاعفة قيمة المخالفات عدة مرات وتغليظ العقوبات عليها لتصل إلى الحبس في بعض الحالات مثل السير عكس الاتجاه.

في البداية يقول ياسر عبد المولى ـ صاحب سيارة ملاكي ـ لك أن تتخيل المدة التي أقضيها في الشارع خلال رحلة الذهاب والعودة من منزلي في منطقة فيصل ـ جنوب العاصمة ـ إلى مقر عملي بمدينة نصر، فعلا وعلى أقل تقدير يضيع أكثر من 4 ساعات يوميا فقط في رحلة الذهاب والانصراف، وطبعا هذا يسبب أعباء مالية خطيرة أدناها استهلاك البنزين بكمية مضاعفة إلى القضاء على العمر الافتراضي للسيارة فهل ستنجح إدارات المرور في القضاء على هذه المشاكل؟!

ويضيف احمد عبد الصبور ـ سائق تاكسي ـ هناك حالة فوضى رهيبة تحكم الشوارع وأعتقد أنهم لو "جابوا" عسكري مرور لكل مواطن لن يسيطروا عليها لسبب واحد أن هذه الأزمة لها عدة أسباب ليس أولها سائق السيارة بل أن الطرق في كثير من الأحيان تكون ضيقة وتحتاج لتوسعة لكن المسئولون يتغاضون عنها، كما أن عد رصف كثير من الشوارع وكثرة المطبات العشوائية تعوق الانسياب المروري أيضا فيجب أن يكون الحل شامل وليس فقط عن طريق الغرامة أو الحبس.

أما سميرة محمود ـ موظفة ـ فتشكو من عدم التزام أصحاب سيارات السرفيس بالمسار المحدد وفرض الأجرة بشكل يشبه الإتاوة كما أنهم يكدسون العربات بشكل غير آدمي فالمقعد الذي يحمل 3 أفراد يحملونه 4 وأحيانا 5 وهذا يعرض الفتيات والنساء لمضايقات خطيرة إلى جانب حوادث السرقة، مطالبة بتشديد الرقابة على هذه السيارات.

السرعة الجنونية سبب رئيسي

يقول مصدر شرطي ـ فضل عدم ذكر اسمه ـ أجهزة الأمن لم تقصر بل قادت حملات مستمرة للتنفيذ الجاد والصارم للقانون وتحقيق السيطرة المرورية بالشارع المصري ساندتها قرارات النيابة العامة للمعاونة والتصدي الحازم لجميع أشكال وجرائم المرور دون تهاون.

وذلك لفرض احترام القانون‏,‏ والقضاء علي حوادث المرور‏,‏ والطرق التي تفاقمت إلي الحد الذي بدأت فيه تلقي بظلالها علي جميع أفراد المجتمع وعناصر انطلاقه‏,‏ وأسباب استقراره‏,‏ وتطوره‏، لكن للسف فإن عدم شعور بعض المواطنين بالمسئولية يضيع كل هذه الجهود هباء وبالتالي تستمر الأزمة دون حل.

ويعتبر الطريق الدائري من أكبر الطرق التي تربط محافظات القاهرة الكبرى، فطوله يصل إلى 100 كيلومتر، ويمر عليه أكثر من 150 ألف سيارة يوميا في ظروف مرورية قاسية، فأعمدة الإنارة متهالكة، والإضاءة منعدمة ليلاً، والرقابة المرورية غير موجودة وسيارات الإسعاف و”أوناش” السحب مختفية تماما، وكل هذا كان وراء ارتفاع معدلات الحوادث على الطريق الدائري.

وتشير المعلومات إلى إن المشكلة الأكبر التي تواجه السيارات عند حدوث أي عطل هي السرعة الفائقة للسيارات المارة، ما يتسبب في وقوع حوادث كثيرة وبالتالي زيادة خسائر الصدمات، موضحا أن الطريق بلا إسعافات والمسافة بين المواقع السكنية كبيرة جدا، وأغلب الحوادث تكون بسبب تعطل السيارات في جهة اليسار والمفروض أن تنقل بسرعة إلى اليمين بواسطة “الونش”، لأن السيارات التي تأتي من اليسار تكون سرعتها جنونية.

كوارث خطيرة على الطرق السريعة


وتلعب المطبات العشوائية دورا مهما في زيادة أخطار الطريق الدائري فكثيرا ما تتسبب في وقوع حوادث، بالإضافة إلى السرعة الجنونية لسائقي السيارات الملاكي، ورغم ذلك فإنه لا غنى عن استخدام الطريق الدائري بسبب زحام الشوارع الخانق ، وذلك برغم خطورته حيث يطلق عليه الجميع طريق الموت لكثرة الحوادث اليومية.

وتشير تقارير الإدارة العامة للمرور إلى أن تجاوز السرعة المحددة يكون دائماً من سائقي سيارات الملاكي، بالإضافة إلى أن سيارات النقل الثقيل تسير في الجانب الأيسر وهذا مخالف، حيث إنه لابد أن تسير في الحارة اليمنى هذا بخلاف كثرة المطبات المنتشرة على طول الطريق، كما أن هناك إهمال بالغ من قبل المسئولين بوزارة النقل ومحافظة القاهرة بسبب عدم صيانة الطريق الدائري من أعمال رصف وإنارة حتى الإسعافات الأولية غائبة.

ويوضح د. محمد يسري أستاذ هندسة تخطيط النقل والمرور بكلية الهندسة جامعة الأزهر في حديث لصحيفة "الخليج" الإماراتية: أن السبب وراء حوادث الطريق الدائري هو السلوكيات، وأكثر شيء منضبط في هذا الطريق هو التصميمات الإنشائية بالمشروع الهندسي.

مضيفا إن نسبة الخلل في تنفيذ الطريق لا تتعدى ال5% أما الأخطاء البشرية فتمثل 75% والمركبات 20% فالصيانة الرديئة تؤدي إلى خلل مفاجئ وهنا تقع المسؤولية الأكبر على عاتق مالك الطريق المتمثل في الدولة، ويجب عدم افتتاح أي طريق إلا بعد تنفيذه بشكل جيد.

حوادث السيارات زادت بمعدلات خطيرة

يذكر أن الطريق الدائري بدأ العمل فيه في يونيو/حزيران 1985 بتكلفة 6.2 مليار جنيه ويشكل جزيرة وسطى بعرض 7 أمتار بهدف إمكانية إنشاء مترو في المستقبل يقام عليه 150 كوبري بتكلفة مليار جنيه، وفي عام 1998 تم نقل تبعيته من وزارة الإسكان للهيئة العامة للطرق والكباري وهو يمر على ستة طرق سريعة ورئيسية.

وعلى طول الطريق الذي يمتد لأكثر من 60 كيلو ويربط مدينة السلام بأول طريق مصر ـ إسكندرية الصحراوي بات مشهدا عاديا انفجار إطارات السيارات وذلك إما بفعل قلة جودة ماركاتها أو لسبب آخر شهد له الجميع ألا وهو المسامير وقطع الحديد الملقاة على الطريق ولا تفلح جهود النظافة المتواضعة في محوها ، فالعمال لا يستطيعون سوى كنس الأطراف الملاصقة للسور الأسمنتي في حين قلب الطريق لا يحظى بعمليات التنظيف .

سبب آخر تتحمله أجهزة المرور وهو قلة الكمائن التي تردع المنفلتين من عشاق السرعة الجنونية ومدمني تعاطي المخدرات أثناء القيادة ، أما هيئة الطرق والكباري فلا يمكن إعفاءها من المسئولية حيث تبدو الفوالق واللحامات التي تغطي الفواصل في حالة يرثى لها تساعد جيدا على انقلاب السيارات أو تفجير إطاراتها .

كما أن تصميم الملفات والدورانات تنقصه خبرة التصميم الجيد وهو مالا يحتاج لخبير لتأكيده بل يمكن مشاهدته بالعين المجردة ومن خلال عشرات الحوادث التي تقع كل يوم عند الارتداد أو الدوران للطريق الآخر ، فتكون أشبه بمهمة الموت حيث يصطدم بالقادم على الطريق المعاكس فتقع التصادمات المروعة .

وقد أشار تقرير للإدارة العامة للمرور بوزارة الداخلية أنه قتل ستة آلاف شخص وأصيب 30 ألفا آخرون بجروح خطيرة عام 2009 على الطرق المصرية التي تعتبر من اخطر الطرق في العالم ، وأوضحت الوزارة في تقريرها السنوي الذي نشرته الصحف أن حوادث الطرق التي تعتبر السبب الثاني للوفيات في مصر كلفت الدولة ما يعادل ثلاثة في المئة من إجمالي الناتج القومي .

وتعد مصر من أكثر دول العالم تسجيلا للحوادث في الكيلو متر المربع. وغالبا ما ترجع هذه الحوادث إلى استخفاف السائقين بقواعد المرور وعدم وجود إشارات كافية وسوء حالة الطرق الفرعية ، ولمكافحة هذه المشكلة ضاعفت وزارة الداخلية الغرامات التي بلغت 180 مليون جنيه (نحو 25 مليون يورو) عام 2009 بارتفاع نسبته 33% عن العام السابق.